أعبّر عن رأيي

!مبادرات لمواجهة فيروس كورونا : في الإتحاد قوة، ولكن

7 avril 2020

!مبادرات لمواجهة فيروس كورونا : في الإتحاد قوة، ولكن

في خِضَمِّ ما تَعيشه بلادنا إثر أزمة جائحة كورونا لا يَستقيم المجتمع إلا بتَضافر الجهود والتحلِّي بالوعي المُجتمعي التضامني. فكيف يمكن أن نجعل من الإتحاد قوة، وكيف يمكن لنا أن نُذلّل الصِّعاب للمُضيّ قُدما والخروج بالوطن إلى برّ الأمان ؟

 

أهمية تعزيز الوعي الإجتماعي

يبدأ الوعي الاجتماعي عندما تتكاتف جهود جميع الأطراف من هياكل الدولة ومكونات المجتمع المدني كل في مجال نشاطه ويتِمُّ تقييم الأوضاع واعتماد السرعة في تَنفيذ الحُلول المقترحة. كما يتجلى هذا الوعي في إدراك المُتغيرات التي تُحيط بنا واستيعاب المشاكل الهيكلية أو الظرفية الحقيقية الموجودة.

لذا لندرك جميعا أننا جزء لا يتجزأ من هذا الكِيان وأن مساهمتنا لا تكون فقط بالتزام الحجر الصحي داخل البيوت بل يجب أن تتجسد على أرض الواقع من خلال إسداء النُّصح والإرشاد وتقديم المساعدات العينية والنقدية إلى المُتضررين من هذه الأزمة.

فهنا الأسواق مغلقة، الحدائق والمنتزهات والأماكن السياحية خلت من رُوادها والدكاكين والمساحات التجارية التي سُمح لها بفتح أبوابها أمام العامّة تُعاني من النفاذ السريع لمخزونها وعدم قدرتها على مُجارات الطلب المُتسارع. فظهور «  فوبيا  » نُضوب السلع خلال أزمة كورونا شجع الأفراد على اتباع سياسة التكديس والتّخزين واللهفة المُبالغ فيها واعتمد بعض التّجار سياسة الاحتكار والتجويع وأبرَموا  « صفقات الموت  » واعتبروا أرباحهم من جراء الأزمة  « غنيمة حرب » .

أمام هذه التجاوزات أصدرت مجموعة من القرارات الصّارمة والإجراءات الاحترازية لرَدع الخارجين عن القانون. لكن من الضروري التذكير أن الدولة عاجزة بمفردها على تخطي كل الأزمات الصحية والإقتصادية والإجتماعية التي تواجهها نظرا لضعف إمكانياتها اللوجستية والمادية.

لذلك فالرهان الحقيقي لتجاوز هذه المحنة هو الرفع من نسبة الوعي المجتمعي وإقرار تام بالمسؤولية التكاملية بين الأفراد، الحكومة، مكونات المُجتمع المدني، القطاع الخاص والقطاع العام.

 

مقاومة فيروس كورونا مسؤولية مشتركة

في إطار ما تَقدَّم سارعت الأطراف التي لها وَزنٌ تَمثيليّ داخل المُجتمع إلى التَّنسيق فيما بينها وبين الجهات الحكومية لتحديد السّياسات العامة التي يجب اتباعُها لتطبيق التعليمات والتوجيهات الإحترازيّة والإستباقيّة لمنع تفشي فيروس كورونا.

وبهدف الحفاظ على صحّة الجميع بدون استثناء، تَمَّ صَرف وتأمين المساعدات الإجتماعية لكل من حُرِم من مُزاولة نشاطه إثر الحجر الصحي الوجوبي وتَمَّ تَزويدهم بالمواد الأساسية الحياتيّة. كما تَمَّ إنشاء خلايا أزمة لتقديم النصائح والإرشادات الوِقائية للسلامة العامة، للإنصات والإحاطة النفسية وللمراقبة المستمرة لحسن سَير المُبادرات.

انخرط القطاع الخاص بفَعاليّة، بطرق مباشرة وبشتى الوسائل السمعية والبصرية المُتاحة لمجابهة الفيروس، فقدمُوا الهبات، الخدمات المُوجهة لمُستحقيها، مساعدات عينية، ووجَّه البعض الآخر معظم نشاطه الإقتصادي لفائدة الدولة ككُل. فوَفروا المعدات الطبية الحمائية اللازمة من كمامات وألبسة واقية ووضعوها مباشرة لتلبية النقص الفادح الذي تعانيه المستشفيات. كما وجَّهوها لفائدة الإطار الطبي وإلى عناصر الأمن والجيش الوطني الذين يحتلون الصدارة دائما في مُواجهة الأخطار.

كما نسّقت مع الجهات الحكومية وأحدثت أرقاما خضراء ومراكز للإرشاد يُؤثِّثها ثُلة من الأطباء الأكِفاء وطلبة في الطب لتقديم المعلومات الكافية والشافية إزاء هذا الخطر الداهم.

ومع رَفع درجة التأهُّب القصوى ورغم محدودية الإمكانيات الطبيّة، برَز دور المتطوعين الذين تَمَّ تكوينهم خصيصا لمجابهة الأزمة وتَمَّ تنظيم مجال تدخلاتهم. فدأبوا على تأطير المواطنين، تحديد مشاغلهم وتوجيههم بالطريقة المُثلى، كما ساهموا في نشر التوعية والتحسيس بالمخاطر الناجمة عن عدم التقيّد بالتدابير الوقائية اللازمة غير مدّخرين أي جُهد لإحداث التّغيير الإيجابي في المجتمع ولتَوفير كل الظروف المُلائمة لحُسن سير الإجراءات المُتبعة.

وفي هذه الظروف الغير عادية، مثلث منظمات وجمعيات المُجتمع المدني همزة وصل بين جميع هذه الأطراف والفئات وحرصت على تبليغ النقائص للمَعنيين وتنظيم عمل العناصر البشرية (متطوعين / ناشطين …) وتوجيههم. كما عَمِلت على نشر المعلومات والبلاغات وحاولت تسليط الضوء على مجموعة المِنصَّات الرقميّة التي تساهم بصفة فعالة في تحديد الحالات المستعجلة وإيصال أصواتهم إلى الجهات المَعنيّة.

 

مخاوف وسط هشاشة النظام الصحي

نشاهد اليوم الصُّمود القوي للأطر الطبيّة، إلا أن الدولة مَعنيَّة بتَفعيل تدابير استثنائية لحمايتهم ولتسهيل عمل المتطوعين واتخاذ إجراءات فورية لتمكينهم من كل الوسائل والمعدات الضروريّة لحسن سير المرفق الصحي. ورغم كل الهبات والمساعدات المُتأتية من الدّاخل والخارج إلا أنها مازالت غير كافية والنقص الفادح في اللوازم الطبية يضع كل المُتدخلين في مواجهة غير عادلة مع الفيروس.

فالعدوى ثابتة والانتشار الوبائي السريع ثابت أيضا وطرق الحماية لا تكفي بالحاجة والدولة غير قادرة على وضع حد للمحتكرين والمزودين الذين يُتاجرون بحياة المواطن ويَعقدون صفقات موت لن تَزيد الوضع إلا تأزُّما.

وعلـى ذلـك أُصـيب الكثيـرون مـن المهنيين والعـاملين الصِّـحيين بـالوباء بسبب نقص المعرفة حول تدابير الوقاية من الفيروس وبَرزت إلى الواجهة من جديد ضـعف النُّظم الصحيّة في بلادنا كقِلَّة عدد المختبرات، أسرة الإنعاش، المرافـق الصـحية، عـدد سيارات الإسعاف، معدات الحمايـة وخاصة عدم التعويل على نُظم التّوريد في المواد الصحيّة لما تشكوه من احتكار وفساد.

إن نظامنا الصحي غير قادر على التعامل مع هذا الوباء ولم يَنتبه عُمال الرعاية الصحية من أطباء، ممرضات، مساعدين طبيين وعمال نظافة إلى ضرورة اتخاذ الاحتياطات الكافية منذ بداية العدوى. زيادة إلى ذلك لم يعتمدوا التدابير الوقائية اللازمة في الوقت المناسب كالقيام باختبارات أخذ العينات، ولم يعد الإطار الطبي حاليا قادرا على تحديد إن كان الشخص الذي يتعامل معه حاملا للمرض أولا.

 

تمرُّ تونس في هذه الفترة بمرحلة حساسة ومصيرية وأمام هذا الوضع الحرج لا يوجد لنا خيار سوى التعويل على وعيِنا وتضامُننا والتقيّد بكل بالإجراءات الوقائية المُتاحة للتغلب على مخلّفات هذه الجائحة.





هكذا قيّم مستعملون آخرون المقال

رائع جدّا 0 %
0%
مقنع 0 %
0%
طريف 0 %
0%
مفيد 0 %
0%
ملهم 0 %
0%
عديم الجدوى 0 %
0%

يجب أن تدخل على حسابك الشخصي لتقييم هذا المقال

كن أوّل من يكتب تعليقا

تعليقك

يجب أن تسجل دخولك لكتابة رأيك.




مدعوم من طرف

شعار شبكة أوروميد UE Logo