يوضح هذا التقرير معايير الالمركزية الرئيسة. والجدير بالذكر أن الالمركزية أمر حتمي. فبغض النظر عن الدول الصغيرة، تتتمتع كل دولة بنسبة من الالمركزية، مما يعني إنتقال السلطة والنفوذ من المركز نحو الوحدات الفرعية. وتبقى المسألة دائما حول شكل ونسبة هذه الالمركزية. المطروحة خالل تصميم نظام دولة المركزية، من الضروري أوال التمييز بين األوجه الشكلية وتلك الفعلية. فعلى المستوى الشكلي، ال بد من النظر في عدد مستويات الحكومة التي يتوجب تأسيسها وعدد الوحدات في كل مستوى. على سبيل المثال، إذا قررت دولة ما أن يكون لديها ثالثة مستويات من الحكومة )المركز، األقاليم، البلديات(، ال بد لها من أن تقرر كم من إقليم يتوجب أن يكون لديها. هذا الجانب الشكلي يجيب عن األسئلة المتعلقة بالتوزيع الجغرافي للوحدات والوحدات الفرعية. ويُذكر أن بعض الدول تعتمد عدم التناسق الشكلي، على سبيل المثال، عندما تخضع بعض األراضي بشكل مباشر إلدارة الحكومة المركزية، في حين أن األراضي األخرى تتمتع بحكومات إقليمية أو حكومات الواليات. وترتبط مجموعتان من المعايير بالالمركزية الشكلية. فمن جهة، تلعب الفعالية واإلقتصاد دورا هاما. إذ قد يكون من غير الف ّعال على سبيل المثال إنشاء وحدات جديدة في حين أن الوحدات التارخية ال تزال متوفرة )عبر وبسهولة، أو إنشاء وحدات منفصلة جغرافيا سلسلة من الجبال على سبيل المثال(. فقد تكون إحدى الوحدات غير قابلة للحياة على الصعيد اإلقتصادي في حال كانت تفتقد للموارد أو البنى التحتية. وليبيا في إلى التغيّرات وضع صعب على هذا الصعيد نظرا المتكررة التي تطرأ على خطط الالمركزية فيها منذ الخمسينيات، إضافة إلى اإلرث الرئيس للواليات الثالث التاريخية، طرابلس وبرقة وفزان، والذي أدى إلى نزاع إقليمي وفوارق هائلة على صعيد التنمية. ما يلعب معيار الهوية )اإلثنية من جهة أخرى، غالبا ، ال سيما جوهريا واللغوية والدينية والتاريخية( دورا في األوضاع التي تلي النزاعات )البوسنة والهرسك وجنوب السودان على سبيل المثال(. إذ إن مثل هذه تول مشاكل ّ الوحدات الفرعية القائمة على الهوية قد د ما جديدة، وذلك ألنها ليست متجانسة، وألنها غالبا د تول أقليات جديدة في مناطقها. مع ذلك ّ فغالبا ما يتوجب النظر إلى معيار الهوية من أجل نشوء قبول هيكلية المركزية. بالتالي، تظهر الحاجة إلى مقاربة مختلطة تأخذ بعين اإلعتبار معيار الهوية ومسائل الفعالية واإلقتصاد في آن واحد.