صدر في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية (عدد 112) يوم الجمعة 13 سبتمبر 2024، المرسوم عدد 1 لسنة 2024 المؤرخ في 13 سبتمبر الجاري، والمتعلق بتنظيم العلاقات بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم.
منذ تنظيم الانتخابات المحلية قبل 5 أشهر، كان من المنتظر أن تقدم رئاسة الجمهورية مشروع هذا قانون للتداول في مجلس النواب، وقد اقترح بعض النواب تنظيم دورة استثنائية لمناقشته، على اعتبار أن المصادقة على قانون المالية لهذه السنة مشروط بمصادقة غرفتي البرلمان.
تدور عدة تساؤلات حول شرعية هذه المبادرة الرئاسية. إذ على الرغم من أن الفصل 73 من دستور 2022 يخول لرئيس الجمهورية أن يتخذ هذا الإجراء خلال عطلة مجلس نواب الشعب، بعد إعلام اللجنة القارة المختصة، فهو يٌعتبر نوعاً من التهميش للدور التشريعي لمجلس نواب الشعب.
إن التشريع بمرسوم يعني أن يُعرض المرسوم في صيغته الأصلية على التصويت دون إمكانية تقديم مقترحات لتعديله، ويقتصر دور النواب فيه على التصويت بالموافقة أو الرفض أو الاحتفاظ. لن يحظى هذا النص بالمناقشة والتداول في مجلس نواب الشعب ولن يتمكن النواب من تعديله إذا احتوى على أخطاء أو غموض أو نقص في إحدى مقتضياته الا عبر مشروع قانون، في هذا الغرض تتولى اللجنة المختصة دراسته ثم تتم المصادقة عليه في جلسة عامة مما سيحول دون امكانية تبسيط اجراءاته أو تعديله بطريقة تجعل عملية النقاش والمصادقة أكثر سلاسة.1
من جهة أخرى، إن خلق إطار تشريعي يضبط العلاقة بين المجلسين في هاته المرحلة المتأخرة، التي تسبق النقاشات حول قانون المالية بأقل من شهر، يشكل مخاطرا تتعلق بقدرتهما على استيعاب الاحكام الواردة وتفعيل كافة الجوانب الإجرائية المعقدة بما يحترم الآجال القانونية والضرورات الاقتصادية للمصادقة على قانون المالية.
تضمن المرسوم احكاما خاصة بمشاريع قوانين المالية وأوضح الاجراءات التي يجب اتباعها خلال النظر في مشاريع قوانين المالية بالمجلسين وكيفيّة المصادقة عليها. يطرح هذا المرسوم العديد من التساؤلات حول مدى قدرته على ضمان مشاركة فعالة للمجلس الوطني للجهات والأقاليم كما نصّ عليها الدستور.
أخيراً يأتي مشروع قانون المالية لسنة 2025 في ظرف سياسي يشوبه التوتر يتزامن مع الانتخابات الرئاسية التي ستقام في 06 أكتوبر 2024.
تطرح هذه الوضعية عدة تساؤلات حول تطور أداء الحكومة فيما يتعلق بمسألة الشفافية ومدى التزامها بإعداد ومشاركة الملاحق في الآجال مع كلا المجلسين ونشرها للعموم قبل انطلاق النقاشات حول قانون المالية، حتى يتسنى للنواب ولبقية الفاعلين في الشأن الاقتصادي أداء دورهم الرقابي ومناقشة مشروع قانون المالية بشكل أكثر فاعلية بالاعتماد على المعطيات.
نذكر ان وزارة المالية لم تنشر ملاحق قانون المالية لسنة 2024 إلا في اواخر شهر جانفي على الرغم من أهمية المعلومات المضمنة فيها والأساسية في تحديد توجهات قانون المالية.
يٌعد النفاذ إلى المعلومات المتعلّقة بسياسات الميزانية وتنفيذ الموارد العموميّة بالإضافة الي تمكين منظمات المجتمع المدني من المشاركة ومراقبة مسار صياغة ونقاش قانون المالية ركيزة أساسية للديمقراطية. إذ ان وضع آليات تسمح بشفافية أفضل في إدارة المالية العموميّة وتشجيع المشاركة المواطنية في عملية اعداد الميزانية شرط أساسي لضمان أكثر فعالية وتشاركية.
على الرغم من اقتراب اجال تقديم مشروع قانون المالية لسنة 2025 الي مجلس نواب الشعب ومجلس الجهات والأقاليم لنقاشه والمصادقة عليه، يتواصل غياب بوادر فتح مسار إعداد الميزانية لتفاعل مكونات المجتمع عموماً ليكون قوة اقتراح حول أولويات الميزانية من أجل تعزيز تمويل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، تعزيز العدالة الجبائية وتفعيل الحق في التنمية.
في هذا الإطار ينظم المرصد التونسي للاقتصاد ندوة حواريّة بهدف توفير إطار جامع للمناقشة بين مختلف الفاعلين، حول رهانات المصادقة على قانون المالية التي يطرحها الإطار القانوني الجديد للعلاقة بين الغرفتين البرلمانيتين، والتحديات المطروحة أمام المجتمع المدني والرأي العام عموماً من باحثين وصحافيين وخبراء في علاقة بشفافية المسار والنفاذ للمعطيات، إلى جانب الأولويات التي لا بد من طرحها من أجل قانون مالية على مستوى التحديات التي يجابهها الاقتصاد اليوم.
الأهداف:
الدفع نحو مشاركة ملاحق مشروع قانون المالية 2025 مع كلا المجلسين وإتاحتها لجميع الجهات المتداخلة ونشرها للعموم على المواقع الرسمية.
تعزيز فهم دور المجلس الوطني للجهات والأقاليم في مسار المصادقة على قانون المالية
توفير مساحة للتواصل للمواطنين وللمجتمع المدني من أجل المشاركة الفعالة في كافة مراحل مسار صياغة قانون المالية والميزانية
البرنامج
الصغير الزكراوي : أستاذ قانون دستورى
كريم الطرابلسي: استاذ جامعي في العلوم الاقتصادية وخبير اقتصادي لدى الإتحاد العام التونسي للشغل
محمد على الكردي: المرصد التونسي للاقتصاد
تحاورهم: شيماء بوهلال