أعبّر عن رأيي

مهرجان فنون الهواة برواد – دورة رشاد طمبورة

11 August 2024

مهرجان فنون الهواة برواد –  دورة رشاد طمبورة

”للهوامش حق النفاذ إلى الثقافة”

 

في قلب مدينة رواد، التي تواجه تحديات التهميش ونقص الموارد، نشأت فكرة مهرجان فنون الهواة كنافذة مشرقة للإبداع والتغيير. وُلدت هذه المبادرة من إرادة قوية لأبناء المدينة، الذين عزموا على تحويل واقعهم الصعب إلى تجربة غنية تعزز الأرواح وتجدد الأمل. يعتبر المهرجان أكثر من مجرد احتفال فني؛ إنه أداة فعالة للتغيير الاجتماعي والتوعية، ويعكس تصميم .سكان رواد على تحويل التحديات إلى فرص، وإثبات أن الفن يمكن أن يكون منارة تُضيء أحلك الأوقات

اختارت “الموفما” تسمية الدورة الحالية من مهرجان فنون الهواة باسم “رشاد طمبورة” تكريماً للناشط الذي واجه الظلم بشجاعة. رشاد طمبورة، الذي تم توقيفه في 21 يوليو 2023 بسبب رسم جدارية اعتبرتها السلطات إهانة لرئيس الدولة، حكم عليه بالسجن لمدة سنتين في 4 ديسمبر 2023. لم يقتصر رشاد على الصمت، بل خاض إضراباً عن الطعام وقام بخياطة فمه احتجاجاً على انتهاك حقوقه، ورغم ذلك تم تأكيد الحكم في محكمة الاستئناف في 31  جانفي 2024. من خلال تسمية المهرجان باسمه، تسعى “الموفما” إلى تسليط الضوء على قضايا حقوق الإنسان ومناهضة الظلم، معبرة عن تضامنها مع كل من يواجه القمع.

لم يغفل مهرجان تويزة تسليط الضوء على القضية الفلسطينية؛ فهو يحتفل بالفن والإبداع بينما يبقى الوعي بالقضايا الإنسانية العادلة في قلب اهتماماته. خصص المهرجان يوماً كاملاً لفلسطين، ليجسد الدعم المتواصل للشعب الفلسطيني ونضاله المستمر. من خلال عروض فنية ونقاشات تثقيفية، يُعيد المهرجان تأكيد تضامنه مع فلسطين، ويذكّر الجميع بأن القضية الفلسطينية ليست مجرد عنوان في الأخبار، بل هي جرح عميق يتطلب منا جميعاً المشاركة في الدفاع عنه.

كما تناولت فعاليات المهرجان مجموعة من القضايا الحيوية التي تمس مختلف جوانب الحياة، من الرياضة التي تعزز الروح الجماعية والصحة، إلى مناهضة العنصرية والعنف من أجل خلق مجتمع أكثر عدلاً وإنسانية، وصولاً إلى الاهتمام بالإيكولوجيا وحماية البيئة. ولم ينسَ المهرجان تسليط الضوء على قضايا النسوية، مؤكداً على دور المرأة المحوري في المجتمع، وتعزيز الفضاء المدني كمنصة للمشاركة المجتمعية الفاعلة. من خلال هذه الفعاليات، يقدم تويزة رؤية شاملة تجمع بين الفن والتوعية، وتؤكد أن الثقافة يمكن أن تكون قوة دافعة للتغيير

افتتح مهرجان فنون الهواة بندوة فكرية حول الحركات الشبابية والأشكال الجديدة للتنظيم، حيث سلطت الضوء على دور الشباب في النهوض بالمجتمعات وتقديم أشكال مبتكرة للتنظيم والتأثير الاجتماعي. .كانت هذه الفعالية نافذة على الأفكار الجديدة التي يسعى المهرجان لتسليط الضوء عليها، مما جعل من هذا اليوم انطلاقة قوية  للمهرجان

.كما اجتمع الحضور في هذا اليوم مع عرض موسيقي لكافون، الذي مثل إشارة انطلاق للمهرجان، مما هيأ الأجواء للتجارب الفنية التي ستتوالى على مدى الأسبوع

 

خصص اليوم الثاني للاحتفاء بالرياضة كجزء أساسي من الثقافة والفن، حيث كان مليئاً بالنشاطات الرياضية والفنية المميزة. بدأت الفعاليات بمسابقة جوجيتسو للمحترفين، التي شهدت أجواءً مشحونة بالحماس والتشجيع، حيث قدم اللاعبون أداءً احترافياً لافتاً أظهر مهاراتهم العالية في هذا الفن القتالي. تلت هذه الفعالية ماستركلاس في تقنيات الرقمي والتعبير الجسمي، حيث استكشف المشاركون كيفية دمج التكنولوجيا مع الأداء الجسدي لإنتاج عروض مبتكرة. كما تم تقديم عرض أفلام قصيرة وعروض مسرح الشارع التي أضفت لمسة فنية خاصة على اليوم الرياضي، إضافة إلى حصة سرد قصصي تناولت آثار المخدرات والإدمان على العنف الأسري، مقدمة رؤى عميقة حول قضايا اجتماعية هامة. اختتم اليوم بنقاش حيوي حول العمل والنضال الفني، تلاه عروض المسابقة الرسمية التي عرضت أعمالاً فنية تعكس التزام المهرجان بالقضايا الإنسانية والاجتماعية.

 

في اليوم الثالث، “يوم فلسطين”، كان مهرجان فنون الهواة مخصصاً بالكامل لتسليط الضوء على القضايا الفلسطينية. بدأ اليوم بورشة تحسيسية بقيادة صفوان الجويلي، التي تناولت تفاصيل القانون عدد 05 وتأثيره على الحقوق والحريات. تبع ذلك نقاش مفتوح حول العدوان على غزة وسبل دعم المقاومة بإشراف الأستاذ رشيد عثماني، حيث تم تبادل الأفكار واستكشاف السبل الممكنة لمساندة القضية الفلسطينية. كما قدمت مسرحية “سكرات” من إنتاج فرقة الموفما، والتي تناولت الإبادة الجماعية في فلسطين، كجزء من الفعاليات المخصصة لدعم المقاومة. توج اليوم بعرض موسيقي للفنان الفلسطيني أحمد القربناوي، الذي قدم ألحاناً تعكس الروح الفلسطينية وتسلط الضوء على الثقافة والفن في ظل النزاع. اختتمت الفعاليات بعروض المسابقة الرسمية التي عكست التزام المهرجان بالقضايا الإنسانية من خلال الفن.

 

 

تميز اليوم الرابع، “يوم مناهضة العنصرية والعنف”، بالتركيز على مناهضة العنصرية والعنف. بدأت الفعاليات بورشة صناعة محتوى سيمي بصري موجهة للفنانين الهواة بإشراف المخرج عصام بوقرة، حيث استكشف المشاركون أساليب جديدة في الفن السمعي البصري، مما ساعدهم على التعبير عن القضايا الاجتماعية من خلال وسائط متعددة. في الساعة 18:00، قُدمت حصة سرد قصصي مع وائل السحيمي، التي تناولت دور الثقافة والفنون في التغيير الاجتماعي. كما شمل اليوم معرض قضايا المهاجرين الذي عرض رسوم كاريكاتورية رائعة للفنان توفيق عمران، مما أضاف لمسة ثقافية مميزة للفعالية. تخلل اليوم أيضًا حفل توقيع كتب، مما أضفى طابعًا ثقافيًا وتفاعليًا على المهرجان. اختتم اليوم بعروض المسابقة الرسمية التي سلطت الضوء على الأعمال الفنية التي تعكس القضايا الاجتماعية التي تناولها اليوم.

 

 

 

في اليوم الخامس، “اليوم الإيكولوجي”، تم تخصيص اليوم بالكامل لتسليط الضوء على القضايا البيئية. بدأت الفعاليات بعرض أفلام موجهة للأطفال، حيث تم تقديم رسائل بيئية تهدف إلى توعية الجيل الجديد بأهمية حماية البيئة. بعد ذلك، أُقيمت ورشة عمل ماستركلاس حول “تصميم وتنفيذ الجداريات” بإشراف الفنانة التشكيلية أميرة دباش، حيث تعلم المشاركون تقنيات مبتكرة لدمج الفن مع القضايا البيئية. في فترة ما بعد الظهر، نظمت Session Underground، التي استهدفت الفنانين في فن الجرافيتي، حيث أبدع الشباب في التعبير عن القضايا البيئية من خلال الموسيقى وفن الشارع، مما أضاف بُعداً إبداعياً إلى الرسائل البيئية. كما شهدت الفترة المسائية مسيرة بالدراجات في منطقة رواد، التي هدفت إلى رفع الوعي حول أهمية حماية البيئة، تلتها زيارة للقطاعات المتضررة من الانتهاكات البيئية في المنطقة. اختتم اليوم بعرض أفلام قصيرة وعروض مسرح الشارع التي تناولت قضايا البيئة بشكل مميز. بدأت السهرة الختامية بعروض المسابقة الرسمية التي قدمت أعمالاً تعكس التزام المهرجان بالقضايا البيئية والتوعية بأهمية الحفاظ على البيئة.

 

 

في اليوم السادس، “اليوم النسوي”، تم تسليط الضوء على دور الفن في الفضاءات العامة والمساهمة النسوية في المجتمع. بدأت الفعاليات بماستركلاس تحت إشراف نزار الكشو، أستاذ المسرح ورئيسالرابطة التونسية لمسرح الشارع، حيث استكشف المشاركون تقنيات اللعب في الفضاء المفتوح وتبادلوا الأفكار حول كيفية دمج الفضاءات العامة في الأداء المسرحي. تبع ذلك تنظيم “المكتبة البشرية”، التي قدمت قصصاً ملهمة لنساء مقاومات مثل “تيتا”، البحارة التي تتصدى للتلوث، و”هاجر”، سائقة التاكسي الجماعي التي تقف ضد الابتزاز، و”هندة”، صاحبة العطرية التي قاطعت المنتوجات الصهيونية. كانت هذه القصص تجسيداً لقوة النساء في مواجهة التحديات الاجتماعية وصوتاً لالتزامهن بالقضايا الإنسانية. في المساء، نُظمت نقاشات حول دور الفن في التغيير الاجتماعي، حيث تبادل المشاركون الأفكار حول كيفية استخدام الفن كأداة فعالة للتأثير والتغيير. اختتم اليوم بعروض المسابقة الرسمية التي سلطت الضوء على قضايا النساء ومساهماتهن الفعالة في المجتمع، مما أضاف بُعدًا ثقافيًا وتفاعليًا للمهرجان.

 

 

 

في اليوم السابع، “يوم الفضاء المدني”، وهو اليوم الختامي للمهرجان، بدأت الفعاليات بنشاطات مخصصة للأطفال، تم تقديم مجموعة من الأنشطة الممتعة والتعليمية التي استهدفت تنمية الوعي المدني لدى الجيل الجديد. ثم تلتها ورشة عمل ماستركلاس حول “توظيف الفنون في الدفاع عن الحقوق” (Artivisme)، حيث استكشف المشاركون كيف يمكن للفن أن يصبح أداة فعالة في تعزيز العدالة الاجتماعية والدفاع عن الحقوق. كانت هذه الجلسة فرصة لتبادل الأفكار والابتكارات في استخدام الفن كوسيلة للتغيير الاجتماعي. كما شهد اليوم ورشة تحسيسية حول أهمية الفضاء المدني بإدارة منظمة البوصلة، التي قدمت رؤى شاملة حول دور الفضاء المدني في تعزيز المشاركة المجتمعية والتغيير الاجتماعي. في فترة ما بعد الظهر، تم تدشين النسخة الثانية للمعرض المفتوح في منطقة رواد، حيث عرضت الأعمال الفنية التي تناولت قضايا حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، مقدمة منصة لعرض إبداع الفنانين وإبراز القضايا الإنسانية. توج اليوم بنقاشات حرة ومفتوحة حول إشكاليات التشغيل الهش وحرمان النساء من الوصول إلى الثروة، حيث تم تبادل الآراء والبحث في سبل تحسين الأوضاع الاجتماعية. اختتمت الفعاليات بمراسم السهرة الختامية وإعلان الجوائز، التي أضافت لمسة احتفالية إلى المهرجان، حيث تم تكريم الفنانين والمشاركين وتقدير إبداعهم والتزامهم بالقضايا الإنسانية.

 

 

 

في الختام، يُعد مهرجان فنون الهواة بمثابة تجسيد حقيقي للإبداع والتضامن المجتمعي في مواجهة التحديات. لقد أثبت هذا الحدث أن الفن يمكن أن يكون قوة دافعة للتغيير الاجتماعي والإنساني، من خلال تسليط الضوء على القضايا المهمة وتعزيز الوعي والاحتجاج. من خلال فعالياته المتنوعة، من دعم حقوق الإنسان والقضايا الفلسطينية إلى مناهضة العنصرية والاعتناء بالبيئة، قدّم المهرجان منصة تعبيرية قوية لكل من يسعى لإحداث تأثير إيجابي في المجتمع.

كما أشار أسامة ظاهري، رئيس المهرجان، “رغم كل ‘التعطيل الإداري ومحاولة منع المهرجان’، فإن حق  الحومة في مهرجان تويزة الذي نعمل على تنفيذه منذ أكثر من شهرين كان ثابتاً”. هذا التصريح يسلط الضوء على الإصرار والتفاني الذي ميز تنظيم هذا الحدث، ويعكس التزامه العميق بالاحتفاء بالإبداع وفن الشارع كمصدر للإلهام والتغيير في ظل التحديات

 


الجهات المعنيّة





هكذا قيّم مستعملون آخرون المقال

رائع جدّا 0 %
0%
مقنع 0 %
0%
طريف 0 %
0%
مفيد 0 %
0%
ملهم 0 %
0%
عديم الجدوى 0 %
0%

يجب أن تدخل على حسابك الشخصي لتقييم هذا المقال

كن أوّل من يكتب تعليقا

تعليقك

يجب أن تسجل دخولك لكتابة رأيك.




مدعوم من طرف

شعار شبكة أوروميد UE Logo