أعبّر عن رأيي

منظمات المجتمع المدني : المرسوم عدد 54 يقوض الحق في حرية التعبير و الصحافة

21 octobre 2022

منظمات المجتمع المدني : المرسوم عدد  54 يقوض الحق في حرية التعبير و الصحافة

صدر بتاريخ 13 سبتمبر 2022 المرسوم عدد 54 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال. وقد تضمن هذا المرسوم 38 فصلا موزعة على خمسة أبواب، تنص على تسليط عقوبات سجنية مشددة على مرتكبي، ممارسات مصنفة حسب المرسوم، جرائم مثل  إنتاج وترويج الإشاعات والأخبار الزائفة، نشر وثائق مصطنعة أو مزورة، وعرض بيانات ذات محتوى إباحي تستهدف الأطفال.

حيث نص الفصل الأول منه انه ” يهدف الى ضبط الأحكام الرامية إلى التوقّي من الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال وزجرها وتلك المتعلقة بجمع الأدلة الإلكترونية الخاصة بها ودعم المجهود الدولي في المجال، في إطار الاتفاقيات الدولية والإقليمية والثنائية المصادق عليها من قبل الجمهورية التونسية.” 

و تجدر الاشارة انه في ظل حكومة الحبيب الصيد طلبت تونس الانضمام لاتفاقية بودابست لمكافحة الجرائم الإلكترونية وتم بناء على ذلك إعداد مشروع قانون يتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بانظمة المعلومات و الاتصال.  كما أنه في سنة 2018 صادقت حكومة يوسف الشاهد على مشروع قانون يتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بانظمة  المعلومات و الاتصال دون أي تشريك لمنظمات المجتمع المدني.

اتسم مسار المصادقة على المرسوم عدد 54 بالتعتيم والغموض مما أثار الكثير من الانتقادات  من منظمات المجتمع المدني ووصفته نقابة الصحفيين في هذا الإطار بأنه “فصل جديد من فصول التضييق على حرية التعبير التي تعتبر أبرز مكاسب الثورة.”

و في هذا الاطار نضمت منظمة أكساس ناو (AcessNow) ومؤسسة سمول ميديا (Small Media) ملتقى “الحقوق الرقمية في تونس في إطار الاستعراض الدوري الشامل: تشريعات منقوصة وحقوق مهدّدة”، وذلك يوم الثلاثاء 20 سبتمبر 2022.  و تضمن هذا الملتقى حلقات نقاش أتاحت الفرصة لممثلي مختلف منظمات المجتمع المدني لتقديم قراءة نقدية لهذا المرسوم و التنبيه حول أهم مخاطره التي تهدد حرية التعبير، الحق في النفاذ إلى المعلومة، الحق في احترام الخصوصية وحماية المعطيات الشخصية و حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات.

كما اعتبرت منظمة أنا يقظ أن هذا المرسوم ليس” إلا مرسوما يضع سيف القمع والخوف على رقاب المواطنين والصحفيين ويؤسس لرقابة وصنصرة ذاتية تمس من الحقوق الكونية للإنسان المضمنة بالاتفاقيات الدولية كالحق في التفكير والتعبير عن الرأي والحق في الخصوصية”.

وأضافت في بيان لها، أن هذا المرسوم يجبر جميع مزودي الاتصال على حفظ جميع البيانات المتعلّقة بحركة الاتصال والأجهزة الطرفية للاتصال، ليطال حفظ الموقع الجغرافي للمستعمل لمدّة لا يمكن أن تقلّ عن السنتين، “وهو ما يجعل من المواطن مراقبا مدى الحياة مع حرمانه من حقه في حياة خاصّة”، وفق تقديرها.

وبينت المفكرة القانونية باحدى مقالاتها ان “سعيّد استطاع تمرير هذا التشريع من دون أدنى نقاش مجتمعيّ وفي غياب أي إمكانية للتصدّي له” واعتبرت أن هذا المرسوم يتعارض  مع المعايير الدولية المتّصلة بالحقّ في حريّة التعبير.

وأكدت البوصلة في تقرير لها تضمن مختلف الإخلالات الواردة في المرسوم على أصعدة حرية التعبير وواجب التحفظ وغياب هيكل رقابي، أن الدول والأنظمة الديمقراطية لم تعد تعتمد على النصوص السالبة للحرية لتعديل المحتوى على شبكات التواصل أو غيرها من المواقع، بل اتخذت أساليب أخرى مثل تكثيف الجانب التوعوي لدى الأفراد والقصر.

واعتبرت أن تونس بصدور المرسوم 54، انضمت لنادي الدول المعادية لحرية التعبير تحت غطاء مكافحة الجريمة الإلكترونية، وفق ما جاء في التقرير.

و في بيان مشترك لها، ادانت مجموعة من منظمات حقوق الإنسان المرسوم الجديد لجرائم الاتصال والمعلومات في تونس وخاصة القسم الفرعي الثالث  بخصوص ” الإشاعة والأخبار الزائفة” حيث ينص الفصل 24 “يعاقب بالسجن مدة خمسة أعوام و بخطية قدرها 50.000 دينار كل من يتعمد استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتّصال لإنتاج أو ترويج أو نشر أو إرسال أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو وثائق مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذبا للغير بهدف الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني أو بث الرعب بين السكان. ويعاقب بنفس العقوبات المقررة بالفقرة الأولى كل من يتعمد استعمال أنظمة معلومات لنشر وإشاعة أخبار أو وثائق مصطنعة أو مزورة أو بيانات تتضمن معطيات شخصية أو نسبة أمور غير حقيقية بهدف التشهير بالغير أو تشويه سمعته أو الإضرار به ماديا أو معنويا أو التحريض على الاعتداء عليه أو الحث على خطاب الكراهية.وتضاعف العقوبات المقررة إذا كان الشخص المستهدف موظفا عموميا أو شبهه.”

 واستنكرت عدة منظمات من المجتمع المدني قيام رئاسة الجمهورية بنشر مرسوم يهدد جوهر حرية التعبير والصحافة قبل بضعة اسابيع من انطلاق فترة الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها.

كما أن هذا المرسوم لا تتناسب العقوبات والجريمة فيه بصورة واضحة، مما يمثل خرقا للشروط المنصوص عليها  صلب الفصل 55 من دستور 25 جويلية 2022 التي ينبغي احترامها عند وضع العقوبات ومن بينها احترام شرطي الضرورة والتناسب حيث نص هذا الأخير “لا توضع قيود على الحقوق والحرّيات المضمونة بهذا الدّستور إلاّ بمقتضى قانون ولضرورة يقتضيها نظام ديمقراطيّ بهدف حماية حقوق الغير أو لمقتضيات الأمن العامّ أو الدّفاع الوطنيّ أو الصّحة العموميّة. ويجب ألاّ تمسّ هذه القيود بجوهر الحقـــوق والحرّيات المضمونة بهذا الدّستور وأن تكون مبرّرة بأهدافها، متناسبة مع دواعيها.”

 إن المجتمع المدني يؤكد وجود وسائل بديلة لمكافحة “الاخبار المزيفة و الاشاعات” دون المساس من حرية التعبير و الصحافة التي تعتبر مكسبا من مكاسب ثورة 2011 مثل تعزيز آليات مستقلة للتحقق من الأخبار، دعم الدولة لوسائل الإعلام المستقلة والمتنوعة،والتعليم وتعميم التربية على وسائل الإعلام، لذلك يحث المجتمع المدني رئيس الجمهورية على سحبه فورا من أجل دعم حرية التعبير وحرية الصحافة في البلاد و يدعو الى تنظيم مشاورات مع المجتمع المدني لإعداد تشريعات جديدة تتناول جرائم الإنترنت مع ضمان احترام حقوق الإنسان الأساسية والحريات للجميع في تونس.

 





هكذا قيّم مستعملون آخرون المقال

رائع جدّا 0 %
0%
مقنع 0 %
0%
طريف 0 %
0%
مفيد 0 %
0%
ملهم 0 %
0%
عديم الجدوى 0 %
0%

يجب أن تدخل على حسابك الشخصي لتقييم هذا المقال

كن أوّل من يكتب تعليقا

تعليقك

يجب أن تسجل دخولك لكتابة رأيك.




مدعوم من طرف

شعار شبكة أوروميد UE Logo