المصدر : المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
انطلقت المفاوضات بين الجمهورية التونسية والاتحاد الاوروبي منذ سنة 2014 حول اتفاقية جديدة لتحرير التبادل التجاري وهي اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمق ، وذلك في اطار استراتيجية تحرير الاقتصاد بالمتوسط التي يتبعها الاتحاد الأوروبي منذ عقود .
في أواخر التسعينات وبداية الألفية الثالثة تم توقيع اتفاقيات الشراكة التي ألغت الحقوق الجمركية على البضائع المصنعة مع ثمانية دول متوسطية. ومواصلة لهذا التمشي، تهدف اتفاقيات التبادل الحر الشامل والمعمق للتوسع بشكل يشمل كافة دول المتوسط ويرفع القيود عن تجارة الخدمات والفلاحة ويقلص الحواجز غير الجمركية، كما تسعى لجعل الدول الشريكة للاتحاد الأوروبي تتبنى معاييره وطرق عمل اقتصاده من خلال ما يسمى “بالتنسيق التنظيمي”، أي سن قواعد اجرائية موحدة.
رغبة الاتحاد الأوروبي في التأسيس لتعاون نظامي مسألة مصيرية، اذ تمنحه الحق في فرض المعايير التي يجب اتباعها للتجارة في الأسواق العالمية، وتجعله وشركاءه القوة المهيمنة على السوق.
تعدد المعاهدات الثنائية والاقليمية ومشروع الصين حول “طرق الحرير الجديدة” ، هي تعبيرات عن المنافسة حول السيطرة التجارية ونشر المنوال الاقتصادي والنموذج الاجتماعي للقوة المهيمنة.
اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمق لا تقتصر على المبادلات التجارية بل تؤسس لإنشاء منوال اقتصادي في تونس يفرض التقليص، بل الغاء دعم ومساعدة الدولة وتعديل الأسعار وتقاطع الاسواق وذلك بجعل الأسواق العمومية مفتوحة للمؤسسات االاوروبية. وتمثل هذه الاتفاقية خطوة جديدة للانفتاح وذلك بعد الانتهاء من الاصلاحات على مستوى الاصلاح الهيكلي.
لا ترى أوروبا في تونس أي مصالح تجارية مباشرة، إلا أنها تسعى لتوسيع منطقة نفوذها الاقتصادي. وقد جرت أول المفاوضات حول اتفاقيات التبادل الحر الشامل والمعمق في المغرب (2013)وتونس(2015)باعتبارهما الاكثر اعتمادا على الاتحاد الأوروبي في علاقة بالمبادلات التجارية.
وتعد اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمق اتفاقية نمطية، اذ هي لا تأخذ خصوصيات الدول بعين الاعتبار، في حين أن تونس تواجه رهانات خاصة وذلك سواء على المستوى الاقتصادي والاجتماعي أو على مستوى عناصر الانتاج ،كالموارد البشرية والطبيعية وهو ما يحتم عليها أن تقترح على أوروبا عرضا لعقد شراكة تلائم رهاناتها الحالية.
في هذا الإطار تم اجراء هذه الدراسة لغرضين، فهي تهدف أولا الى معرفة رأي الممثلين الاقتصاديين الرئيسيين في اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمق لفهم تأثيراتها المنتظرة، كما تسعى الى المساهمة في صياغة مقترح لعقد شراكة بديلة تكون أثر مواءمة مع خصوصية الاوضاع التونسية.
تعبر الشهادات المذكورة بالدراسة عن آراء خبراء ميدانيين من اقتصاديين، نقابيين أو نشطاءمجتمع مدني.
للإطلاع بدقّة على الدّراسة في نسختها الفرنسية :
الجهات المعنيّة
هكذا قيّم مستعملون آخرون المقال