تعاني الجامعات الأردنية من انخفاض مستوى الحرية الأكاديمية داخلها، ومن عدم استقلال الجامعات عن السلطة السياسية، مما يؤدي إلى ضعف ممارسات الحوكمة المشتركة التي تخلق بيئة تتخذ فيها القرارات على المستوى السياسي، دون إشراك أصحاب المصلحة المعنيين، الذين تقتصر مشاركتهم على العمليات اليومي، وفي ظل غياب النقابات الخاصة بالأكاديميين والأساتذة. وهو،أيضاً، يتعارض مع المعايير الدولية المعترف بها لحقوق الإنسان، بما فيها الحق في المشاركة في صناعة القرار، حرية التفكير،الحق في التعليم والحق في تأسيس الجمعيات المنصوص عليها في العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وبروتوكولاتها، وكذلك الحال تتناقض مع المبادىء والحقوق الرئيسية للحرية الأكاديمية، بما فيها الاستقلالية الذاتية للجامعة بحسب توصيات اليونيسكو الخاصة بالتعليم العالي وهيئات التدريس وإعلان عمان للحريات الأكاديمية واستقلالية مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي، إضافة إلى ما تضمنته الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي في المحور الأول الخاص بالحاكمية والإدارة الجامعية حول تعزيز الحرية الأكاديمية.
وعلاوة على ذلك، يعاني الأردن أيضاً من درجة قليلة من مشاركة الشباب في صنع القرار وفي الحياة السياسية. الأردن بلد يبلغ فيه 70٪ من السكان أقل من 30 عاماً، ومن بينهم 45٪ تقريباً من الشباب ملتحقون بالجامعة. وعلى الرغم من ذلك، فإن درجة مشاركة الشباب في الحياة السياسية والعامة محدودة: فالتعليم لا يمكنهم من أن يكونوا مواطنين صالحين وأن البيئة الجامعية لا تسمح لهم بالتفكير النقدي.
وفقاً لقانون الجامعات الأردنية رقم 20 من عام 2009 (القانون الجامعي) وتعديلاته، فإن حوكمة الجامعات على يد “مجلس الجامعة” و”مجلس الكلية”، على مستوى كل هيئة تدريس، ليست ممثلة تماماً للطلاب والأكاديميين والأساتذة. على وجه الخصوص، يتم تشكيل “مجلس الجامعة” من قبل العديد من العناصر التي يتم انتخابهم كممثلي هيئة التدريس فقط من قبل الأساتذة والأكاديميين، في حين يتم ترشيح الآخرين إما بمرسوم ملكي أو من قبل مجلس الأمناء أو يعينهم رئيس الجامعة. وعلى الجانب الآخر، فإن “مجلس الكلية” ممثل فقط عن أعضاء هيئة التدريس، وبدون تمثيل الطلاب. وعلاوة على ذلك، يمثل الجهاز الإداري الرئيسي مجلس أمناء يتألف من 12 عضوا (14 عضوا للجامعات الخاصة) – دون إدراج أعضاء هيئة التدريس في مجلس الإدارة – المعينين بموجب مرسوم ملكي بناء على توصية من رئيس الوزراء. كما يعين رئيس الجامعة بنفس الطريقة، في حين يعين العمداء من قبل مجلس الأمناء بناء على توصية من الرئيس. كل هذا ساهم في خلق بيئة غير مستقلة عن نفوذ السلطة السياسية التي تؤدي إلى ترشيح أشخاص مقربين من موقف الحكومة، ونقص تمثيل الأكاديميين والأساتذة والطلاب في الهيئات الجامعية، وعلى المدى الطويل، تعوق وتطوير الطلاب كمفكرين أحرار وخلق حواجز لمشاركتهم في صنع القرار.
نحن، في مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان، نعتقد أن درجة عالية من الحرية الأكاديمية في الجامعات أمر ضروري من أجل تعزيز العملية الديمقراطية في الأردن، لأنه هو السبيل الأساسي لبناء الطلاب كمواطنين مستقبليين وجعل تطوير قدراتهم على التفكير النقدي. وعلاوة على ذلك، نعترف بأن معدل المشاركة في السياسة، ولا سيما في الانتخابات، منخفض بين الشباب وأنهم يعتبرون أنفسهم “ضحايا” وليسوا جزءاً من المجتمع. لهذا السبب هناك حاجة إلى التغيير من أجل السماح للطلاب بإجراء انتخابات لإختيار ممثلهم وإضفاء الثقة لديهم في العملية الديمقراطية وجعلهم يدركون أنهم يمكنهم أن يحدثنوا تغييرات من خلال العملية الديمقراطية.
لذا نعتقد أن التغييرات المقترحة والمُتَضَمَنة في القانون الجامعي سوف تعزز من جانب واحد استقلالية الجامعات في الأردن بحيث تكون قادرة على تحديد هيكلها التنظيمي والإداري، حتى يتمكنوا من تحديد أولوياتهم بحرية وتقرر محتوى وأشكال التدريس والبحث. ومن ناحية أخرى، فإن هذه التغييرات المتضمنة في القانون ستجلب المزيد من مشاركة الطلاب في عملية صنع القرار داخل الجامعات، الأمر الذي سيؤدي إلى تشكيلهم كمواطنين مستقبليين نحو مشاركة أكثر نشاطاً في السياسة وفي الحياة العامة. مع هذا الالتماس نطلب من أعضاء البرلمان الأردني اتخاذ إجراءات لإدخال تعديلات على قانون الجامعات الأردنية رقم 20 لعام 2009، ولا سيما:
- تعديل المادة 9، الفقرة ب، فيما يتعلق بترشيح أعضاء مجلس الأمناء بطريقة لإجراء مشاورات من الأكاديميين والأساتذة من مختلف الإدارات في كل جامعة، على أن يتم تنسيبهم من قبل لجنة التعليم في البرلمان الأردني وتعينهم بمرسوم ملكي.
- تعديل المادة 12، الفقرة ب و ج ، لترشيح رؤساء الجامعات العامة والخاصة بنفس الطريقة. وعلى وجه الخصوص، يتم تعيين رئيس الجامعة من قبل مجلس الأمناء بنتيجة الانتخابات الداخلية لأعضاء هيئات التدريس في الجامعة.
- تعديل المادة 15، الفقرة (ب)، بهدف إدخال آلية انتخابية لطلاب الجامعة وخريجيها الممثلة في مجلس الجامعات من أجل تعزيز مشاركة الطالب والمشاركة في اتخاذ القرار.
- تعديل المادة 18، الفقرة (أ)، بطريقة يتم تعيين العمداء من قبل رئيس الجامعة ، بناء على انتخابات داخلية لأعضاء هيئة التدريس في الكليات.
- تعديل المادة 20، من خلال إضافة نقطة رقم 5 إلى الفقرة أعلى النحو التالي: “ممثلين اثنين من طلاب الكلية المنتخبين بين الطلاب المسجلين في برامج الكلية المختلفة”.
- إضافة مادة جديدة رقم 32 تنص على حق الأكاديميين والأساتذة والباحثين والطلبة في تأسيس نقابات أو الإنضمام لها.
توقيع العريضة
Voila ce que les autres utilisateurs ont pensé de cet article