انعقدت يوم الجمعة 4 نوفمبر 2016 مائدة مستديرة من قبل جمعية “DAMJ” الجمعية التونسية للعدالة والمساواة جمعت عديد النشطاء في مجال حقوق الإنسان. وكان هذا الحدث لتسليط الضوء وشرح عدم دستورية المادة 230 من قانون العقوبات التي تجرم ممارسة الجنس بين اثنين من البالغين بالتراضي وهم من نفس الجنس.
وقد تم توجيه النظر أيضاً إلى المادة 226 مكرر المتعلقة بمخالفة الآداب، والمادة 228 المتعلقة بالتحرش الجنسي والمادة 231 المتعلقة بالتماس والدعارة لتجريم مثليين جنسيا.
وقد قام السيد وحيد الفر شيشي الأستاذ الجامعي في القانون والناشط بالمجتمع المدني ورئيس الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية والسيدة سناء بن عاشور المناضلة النسوية ورئيسة جمعية بيتي بتوجيه النقاش تحت ادارة السيدة يسرى فرواس من الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان.
و قد أيد الحضور السيد بول جواشيم مدير مؤسسة هاينريش بول إذ جدد التعبير عن تضامنه مع عمل ” الجمعية التونسية للعدالة والمساواة ” و دعمه لحماية الحريات الفردية.
بادرت في أول الحوار السيدة سناء بن عاشور بأخذ الكلمة لتقدم لمحةً تاريخية عن المادة القانونية 230 ، إذ وضحت أن سنة 1913 هي سنة وضع القانون وذلك كنتيجة لتدوين قانون العقوبات التونسي. كما لا يوجد أي ذكر للواط أو إدانة للمثلية الجنسية في قوانين سابقة (مثل القانون الجنائي التونسي لسنة 1861).
في الواقع، تأتي هذه المادة من القانون الفرنسي قبل الثورة أي ما سبق سنة 1789 ، لذلك تعتبر رمزاً للقرون الوسطى. فهي تدين أي عمل “غير إنجابي”. ومع مرور الوقت، إنحازت هذه المادة لإدانة المجتمع بدل الفعل .
أما السيد وحيد الفرشيشي فقد أكد على نقطة مهمة و هي كيفية تطبيق تلك المادة. “ إن النظر في منازل المواطنين ، و التعدي على سلامتهم الجسدية ، هو إقحام للعدالة في الحياة الخاصة و تعدي على خصوصيات المواطنين. كما قد يتم توظيف المادة “لمطاردة” أولئك الذين يثيرون البلبلة (شأن المادة 52 من قانون العقوبات).
من ناحية أخرى، إن قانون العقوبات التونسي يسعى إلى حماية النظام الأبوي كنظام عام مضطراً بذلك لوضع الرجال والنساء في نظام اجتماعي معين ، وأي شخص يساءل دوره يخضع لهجوم منظم .”
وبعد هذه اللمحة، نستطيع أن نقيم لما تعتبر هذه المادة غير دستورية. ذلك أنه أولاً لتوضيح وفهم عدم دستوريتها ، يجب علينا أن نفهم السياق الذي كتب فيه الدستور . ففصل “الحقوق والحريات” يأتي مباشرة بعد المبادئ العامة و هذا إثبات لأهمياتها و أساسيتها : تعتبر الحرية من أولويات القوانين التونسية. المادة (24) تنص على أن ” الدولة التونسية تحمي الحريات الفردية”. كما يضيف: “إن الدولة التونسية تحمي الخصوصية والبيانات الشخصية.”لكن وضع هكذا قانون أدى إلى ظهور الفئات الضعيفة والمهمشة والأقليات .
كما أن المادة 23 تؤكد على أهمية الكرامة : “إن الدولة تحمي كرامة الإنسان وسلامته البدنية ويحظر التعذيب المادي أو المعنوي . جريمة التعذيب هي جريمة غير قابلة للتقادم “.
وينبغي مع ذلك ألا نقتصر على إثبات عدم توافق القانون الجنائي مع الدستور. بل يجب أن يكون هناك أيضا حجج مضادة لأولئك الذين يستغلون الفصول أو المواد الدستورية الغامضة.
نستهل حججنا بالمادة الأولى من القانون التونسي التي تنص على أن ‘الإسلام’ دين البلاد: يمكن القول بأن هذه المادة ليس بها صفة إلزامية تجبر الدولة على تطبيق الشريعة الإسلامية وتقاليدها. بل هي مجرد كلمة وصفية. كما لا يوجد أي ذكر للشريعة الإسلامية كمصدر للقانون التونسي.
في استجابة للمادة 6 من الدستور التي تنص على أن “الدولة تكفل المقدسات”: يمكن الإجابة أن المقدس يمارس في حدودٍ مع المواد الدستورية الأخرى، كتلك المتعلقة بحماية الحريات أو كرامة الفرد.
وعقب المناقشات تم التركيز على وسائل عمل المجتمع المدني لتأكيد عدم دستورية المادة 230 من قانون العقوبات. ذلك أن ربط الصلات بين الجهات الفاعلة والمناضلة من أجل الحريات هو عمل أساسي لتحقيق قوة ذات فعالية وهو ما يعتبر شكل من أشكال المناصرة.
كما يجب التذكير بأن المحكمة الدستورية ستنشأ قريبا في تونس وسيتم الإعلان عن عدم توافق المادة 230 التابعة للقانون الجنائي مع الدستور.
كما قد تم إنشاء “التجمع من أجل الحرية الفردية” التي أطلقتها الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات،
وذلك بالتنسيق مع الشبكة الأورو-متوسطية لحقوق الإنسان. وهو يتألف من أكثر من 30 جمعية. وتشمل مختلف مجالات عمله حقوق الأقليات، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية وحقوق الجنسين وحقوق الضمير إلى غير ذلك.
و قد أتت هذه التحركات بثمارها ، ولا سيما في عام 2016 خلال شهر رمضان، اثر ندوة من أجل احترام حرية الضمير وفتح المطاعم.
بقلم اميليان ميلر
ترجمة عبدالمجيد الجبالي
( تم نشر هذا المقال في الجريدة المدنية في إطار الشراكة بين جمعيتي وجريدة الشعب ) .
الجهات المعنيّة
هكذا قيّم مستعملون آخرون المقال