Exprimer mon avis

دراسة حول واقع المجتمع المدني بتونس

20 juin 2016

دراسة حول واقع المجتمع المدني بتونس

 

تونس ما بعد الثورة هي تونس الحراك الجمعياتي. فحسب آخر إحصائية نشرها مركز إفادة للاعلام والتكوين والدراسات والتوثيق حول الجمعيات، إلى موفى 16 ماي 2016، بلغ المجموع العام للجمعيات في تونس 18822 جمعية. ويشير هذا العدد المتنامي باستمرار، إلى الاقبال الكبير نحو العمل المدني الذي يدل بدوره على الوعي المجتمعي بالمكانة التي لا بد أن يحضى بها المجتمع المدني بتونس.

فعلا، فقد سبق للمجتمع المدني التونسي أن لعب دورا أساسيا في عملية الانتقال الديمقراطي ومازال في سعي لتطوير أساليب عمله ونشاطه للاضطلاع بدور محوري في بناء تونس الديمقراطية والمتقدمة التي نريد. وعليه، فلا بد من ضمان وجود الأرضية المناسبة التي تخول لمنظمات المجتمع المدني أداء الأدوار التي لا بد أن تضطلع بها في جميع المجالات محليا وجهويا ووطنيا ودوليا. وبالنظر إلى تنوع وتعدد أدوار منظمات المجتمع المدني ومن أهمها الاقتراح والضغط والرقابة، يتوجب أن تتمتع بحقها في النفاذ للمعلومات والبيانات وبحقها في حرية التعبير دون تخويف أو قمع من السلطة ودون المساس بحرمة الناشطين فيه. وإذا أردنا للمجتمع المدني أن يؤدي رسالته ويكون فاعلا ومؤثرا إيجابا في الواقع، فينبغي أولا تقييم مدى سلامة البيئة العامة التي ينشط فيها ومدى مراعاة خصوصيته ومكانته في المجتمع وفي الدولة تشريعا وممارسة.

في هذا السياق، قام مركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية بإعداد دراسة حول “واقع المجتمع المدني بتونس” بهدف الوقوف على أوضاع منظمات المجتمع المدني في تونس بالتشخيص والتقييم. وتم إنجاز هذه الدراسة بالشراكة مع جمعيتي وبتمويل من التحالف العالمي من أجل مشاركة المواطنين سيفيكيس CIVICUS World Alliance for Citizen Participation. وهنا تجدر الإشارة أن التحالف العالمي من أجل مشاركة المواطنين قد موّل دراسات مماثلة تخص واقع المجتمع المدني في 20 دولة من بينها تونس.

واعتمدت أنوار المنصري الخبيرة المكلفة بإعادا الدراسة منهجية تم الجمع فيها بين المقاربة القانونية والمقاربة الواقعية من خلال استجلاء جدوى وفاعلية القاعدة القانونية على ضمان وتكريس الحق من جهة ومدى وعي المتلقي بها عند ممارستها من جهة أخرى، تناولت هذه الدراسة 8 مواضيع هي:

تكوين الجمعيات: تم التطرق لها من زوايا مختلفة تتعلق بالنظام القانوني المنطبق على الجمعيات، وإجراءات تأسيس الجمعيات، وإدارة الجمعيات، والإجراءات الخاصة بتأسيس الجمعيات، والتحديات والعوائق على مستوى تنزيل القانون. وتبيّن هنا أن التحرر في تكوين الجمعيات لم يسايره تحرر في الإدارة المشرفة على التسجيل وأنّ استغلال بعض الفراغات التشريعية أرست فقها إداريا مضيقا على حرية التكوين.

تسيير الجمعيات: بعد النظر في مسألة الآثار القانونية للتأسيس ومسألة حل الجمعيات، فالملاحظ حسب الدراسة هو أنه بالرغم من وجود التزامات في التسيير تؤسس للشفافية وحق الولوج للمعلومة، فإن غياب المهنية عند بعض الجمعيات في التعاطي مع قواعد التسيير من جهة وتراخي إدارة الجمعيات في ضمان تطبيق مقتضيات القانون أدى إلى إضعاف العمل الجمعياتي.

الوصول إلى الموارد المالية: من خلال مصادر التمويل الشرعية، والنظام القانوني المنطبق على تمويل الجمعيات، وكل من التمويل العمومي والتمويل الأجنبي، أثبتت الدراسة أن حرية الجمعيات على مستوى القانون في اختيار ممولها في المشاريع التي تعمل على إنجازها تبقى في أغلب الأحيان مجرد إعلان مبادئ لأنّ الولوج إلى التمويل العمومي لا يتّم إلا ّعبر إجراءات معقدة تعجز خاصة الجمعيات الناشئة عن متابعتها واحترامها. أما التمويل الأجنبي، وعلى أهميته في مساعدة الجمعيات في إنجاز مشاريعها، إلاّ أنّه أدى في بعض الحالات إلى تبيض الإرهاب، وفي حالات أخرى إلى فرض برامج على الشركاء المانحين.

الحق في حرية التعبير: بالعودة للأساس القانوني لحرية التعبير والوقوف على النقائص والهنات على المستوى القانوني والواقعي، انتهت الدراسة إلى أن حرية التعبير حق تم اقتلاعه في الثورة وفرض المناخ الثوري ممارسته حتى في غياب تقنين له وانتهى إلى تكريسه في أعلى نص قانوني وهو الدستور إلاّ أن قوانين أقلّ درجة من الدستور ومخالفة له لا تزال سارية المفعول إضافة إلى تنامي خطاب ضد حرية التعبير كشرط للتصدي للإرهاب.

التجمع السلمي: بالعودة للنصوص القانونية المؤطرة للتظاهر السلمي، وبدراسة العوائق والنقائص المسجلة واقعيا بخصوص حرية التظاهر السلمي، أكدت الدراسة أن التجمع السلمي حق ضمنه الدستور دون قيد أو شرط ومارسه الشعب قبل 2011 في تحد لقوانين جائرة في التظاهر، غير أنّه ورغم دسترة الحق فإن ممارسته تقتضي تنظيمه لكن الإرادة السياسية القائمة لم تتخذ قانونا ينظم هذه الحرية وفق المعايير الدولية وأبقت على قانون 1969 الذي لا يتماشى وهذه الحرية.

علاقة المجتمع المدني بالحكومة: لاحظ فريق الخبراء المشارك في الدراسة أنّ بعض الممارسات الجيّدة التي عهدناها ما بعد 2011 والمتعلقة أساسا بالمقاربة التشاركية للمجتمع المدني في اتخاذ القرارات وصياغة القوانين وكذلك الدستور والتي خلناها مكسبا أضحت اليوم مهددة رغم مأسستها في وزارة تختص بالمجتمع المدني إضافة إلى خلق خطة مكلف بمهمة يعنى بالتواصل مع المجتمع المدني في أغلب الوزارات وبرئاسة الجمهورية وبمجلس نواب الشعب، إلا أن التواصل أضحى في بعض الحالات مسألة صورية لا غير. لذلك تم النظر في المسائل التالية: المجتمع المدني والمشاركة السياسية، الجمعيات والحق في التقاضي، الشراكة بين الجمعيات والحكومة.

التحالفات والتشبيك بين الجمعيات: اختيار هذا الموضوع انبنى على فكرة إمكانية أن يكون من بين أسباب أفول العلاقة مع الحكومة غياب التحالفات والتشبيك بين مكونات المجتمع المدني لخلق رأي عام مؤثر في أصحاب القرار وفي رسم السياسات العامة.

الجانب الضريبي والجبائي: تمت دراسة هذا الجانب من منطلق أنه أكبر العوائق في العمل الجمعياتي في تونس، ويعجز عدد كبير من الجمعيات عن الإيفاء به ليس تهربا بل جهلا به نتيجة اختلاف مصادره ووجوده في عدة نصوص لا يمكن للجمعيات الإلمام بها ما لم يكن لها محاسب معتمد مختص في المجال الضريبي والجبائي. مع الإشارة أنه في حال عدم الالتزام بدفع الضرائب، تحرم الجمعية من التمويل العمومي. وتمت دراسة هذا الجانب من حيث الالتزامات الإجرائية والشكلية، والالتزامات الجبائية، ومراقبة إدارة الجباية للجمعيات، انتهاء بالهنات والعوائق التطبيقية.

وبتصفح الدراسة ندرك أن الغاية منها ليست تقييمية بحتة فقط، وإنما كان السعي إلى الوقوف على هنات واقع مختلف مكونات المجتمع المدني في تونس هادفا لتمهيد الطريق أمام تغييره في خطى لاحقة. وعليه، فقد تم تعزيز هذه الدراسة بتوصيات عملية تخص مجمل المواضيع المتطرق لها باعتبار البيئة القانونية ومتطلبات الواقع التي يحتمها النشاط الجمعياتي، مع التنصيص أن توفير مناخ جمعياتي سليم هو رهين كل الفاعلين منهم نذكر، لا على سبيل الحصر، المتدخلين في المجالات القانونية والسياسية والتشريعية والقضائية والإدارية. ذلك أنه لا بد من أن يقترن اصلاح القوانين باعتماد مقاربة حقوقية في السياسة التشريعية ومقاربة يكون فيها الضمان والفيصل لقضاء مستقل، ولا بد من ضمان مهنية الإدارة واحترامها لمبادئ الحياد والمساواة.

نأمل دائما أن يظاهي الواقع الجمعياتي في تونس ما بعد الثورة تطلعات التونسيين أولا والملاحظين للشأن التونسي على الصعيد الدولي ثانيا. كما نأمل أن يلائم واقع المجتمع المدني الأحكام والمبادئ التي جاءت في دستور 2014 من أجل مجتمع مدني مستدام الحركية.

 

في انتظار صدور الدراسة قريبا.

 

 

 


Organismes concernés





Voila ce que les autres utilisateurs ont pensé de cet article

Ingénieux 0 %
0%
Persuasif 0 %
0%
Drôle 0 %
0%
Informatif 0 %
0%
Inspirant 0 %
0%
Inutile 0 %
0%

Vous devez être connecté pour pouvoir évaluer cet article

Soyez le 1er à écrire un commentaire.

Votre commentaire

Vous devez être connecté pour poster un commentaire.




Supporté par

Réseau Euromed Logo UE Logo