مثّل مشروع القانون الأساسي الجديد للميزانية موضوع ملتقى نظّمته وحدة التصرّف حسب الأهداف التّابعة لوزارة المالية بالإشتراك مع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لفائدة ممثّلي المجتمع المدني، وذلك يوم الجمعة 12 فيفري الجاري.
الملتقى الّذي افتتحه وزير المالية سليم شاكر وحضره ممثّلون عن عشرات الجمعيات والمنظّمات ووسائل الإعلام، تناول بالتقديم والنقاش قانون الميزانية الأساسي الجديد وتوقّف خاصّة عند منظومة التصرّف في الميزانية حسب الأهداف.
حيث أكّد وزير المالية سليم شاكر أنّ أهمية القانون المقترح تكمن في سماحه بمزيد من الوضوح والشفافية في التصرّف في الميزانية، موضّحا أنّ الميزانيات المرصودة لفائدة الوزارات ستكون على أساس برامج محدّدة وذات مؤشّرات أداء موضوعة مسبقا. بحيث يمكن لمجلس نوّاب الشعب المصادقة على المشاريع وميزانياتها ثمّ تقييمها ومعرفة ما إذا تمّ تحقيق الأهداف المحدّدة أم لا، وفق تعبيره.
واعتبر الوزير في كلمته الافتتاحية أنّ القانون الجديد سيمكّن، في حال المصادقة عليه، من إضفاء ديناميكية جديدة على التصرّف في المالية العمومية قوامها العلم والثقة والشفافية.
وكان مجلس الوزراء قد صادق في نوفمبر 2015 على المشروع المذكور قبل أن يحيله إلى مجلس النوّاب للدّرس والمصادقة.
الملتقى الذي انتظم في حصّتين صباحية ومسائية، شهد تقديم ثلّة من الخبراء التونسيين والأجانب والإداريين وموظّفي وزارة المالية مداخلات حول القانون المقترح ومنظومة التصرّف حسب الأهداف ودراسة مقارنة لهذه المنظومة مع نظيرتها الفرنسية. تخلّلتها حصص نقاش أمّنها ممثّلو المجتمع المدني المدعوّون وشفعت بمداخلة لممثّل جمعية “البوصلة” تضمّنت توصياتها بالتنقيح والتعديل للقانون.
ويمثّل تكريس مبادئ الشفافية والمساءلة والمصداقية والتقييم أهمّ أهداف مشروع القانون الجديد وفق ما بيّنه المدير العامّ للهيئة العامّة للتصرّف في ميزانية الدّولة صلب وزارة المالية طارق بن حاج صالح، مضيفا أنّه سيكون أكثر ملاءمة لمتطلّبات التصرّف الحديث وللدستور التونسي وسيتجاوز النقائص الموجودة في القانون الحالي. حيث ستكون الشفافية والمرونة والمساءلة والتقييم والتحكّم في التوازنات وتكريس أحكام الدستور التوجّهات الكبرى لهذا القانون.
وأوضح بن حاج صالح أنّه على خلاف القانون الحالي الذي يتكوّن من 3 عناوين هي: الأحكام العامّة، ومشروع قانون المالية، وتنفيذ وغلق الميزانية، يتكوّن القانون المقترح من 7 عناوين هي: الأحكام العامّة، وموارد الدّولة وتكاليفها وحساباتها، ومشروع قانون المالية، والتصرّف في ميزانية الدولة، والمراقبة والتقييم، وغلق ميزانية الدولة وأخيرا الأحكام الإنتقالية والختامية.
وعن كيفية ضمان الشفافية في ميزانية الدولة، كشف المدير العامّ للهيئة العامّة للتصرّف أنّ مشروع القانون الأساسي ينصّ على تحديد الميزانيات وفق السياسات العمومية (البرامج)، أي توزيع الميزانية حسب المهمّات والبرامج مع تحديد أهداف مستقرّة لكلّ برنامج ومؤشّرات لقيس مدى تحقيق الأهداف. ممّا من شأنه أن يجعل ميزانية الدولة أكثر وضوحا ويساهم في تحسين نجاعة التصرّف في المالية العمومية ويضمن المساءلة حول إستعمال الموارد وتحقيق الأهداف وتحديد المسؤوليات.
وأضاف أنّه، بمقتضى القانون المقترح، ستصبح كلّ وزارة “مهمّة” تقوم على برامج تنقسم بدورها إلى سياسة عمومية وبرنامج فرعي. بحيث تكون مختلف الوزارات بما فيها رئاسة الجمهورية “مهمّات” ويكون كلّ من مجلس نوّاب الشعب والمجلس الأعلى للقضاء والمحكمة الدستورية والهيئات الدستورية المستقلّة ونفقات التمويل والنفقات الطارئة وغير الموزّعة “مهمّات خاصّة”.
من جهتها، بيّنت مستشارة المصالح العمومية ريم كنزاري أنّ منظومة التصرّف في الميزانية حسب الأهداف التي تمثّل أحد ركائز قانون المالية الجديد، تمثّل أسلوبا حديثا للتصرّف العمومي ورصد الميزانيات وتنفيذها وتندرج في إطار برنامج إصلاح المالية العمومية بما يمكّن من ترسيخ الحوكمة وتحسين نجاعة السياسات العمومية وتوفير معطيات حول أداء القطاع العمومي الأمر الذي يستجيب لانتظارات المواطن ودافع الضرائب والمتعامل مع الإدارة.
وعدّدت كنزاري في مداخلتها أهداف هذه المنظومة وهي دعم الشفافية والمراقبة البرلمانية، وتوجيه التصرّف العمومي نحو تصرّف مبنيّ على النتائج إضافة إلى جعل السياسات العمومية واضحة ومفهومة من قبل الجميع.
أمّا خصائص منظمومة التصرّف في الميزانية حسب الأهداف فتتمثّل أساسا، وفق مستشارة المصالح العمومية، في تقسيم الميزانية بحسب البرامج وفق أفق زمني متوسّط المدى. بحيث يترجم كلّ برنامج سياسة عمومية ويتكوّن من مجموعة متناسقة من العمليات الرّاجعة بالنظر إلى نفس الوزارة والتي تساهم في تجسيم خطّة ذات مصلحة وطنية. إذ يهدف التقسيم البرامجي إلى بيان المحاور الاستراتيجية لتدخّل الوزارة، بحيث تخصّص لكلّ برنامج جملة من الإعتمادات وفق إطار زمني متوسّط المدى قصد تحقيق أهداف محدّدة ونتائج يمكن تقييمها. كما يتولّى قيادة البرنامج “رئيس للبرنامج” يعيّن من طرف الوزير المعنيّ.
على الرّغم من وصوله إلى طاولة النقاش بمجلس نوّاب الشعب، فإنّ ممثّلي المجتمع المدني الذين حضروا الملتقى قدّموا عددا من الملاحظات والتوصيات القاضية بتعديل بعض جوانب مشروع القانون بشكل يسمح وفق رأيهم بضمان أكثر شفافية ومصداقية في التصرّف في المالية العمومية. حركة إيجابية أكّدت على ديناميكية المجتمع المدني ودوره الريادي في تقييم السياسات العمومية.
لمزيد المعلومات حول القانون الأساسي للميزانية ومنظومة التصرّف في الميزانية حسب الأهداف، يمكنكم الاطّلاع على الوثائق التالية:
- تقديم مشروع القانون الأساسي للميزانية
- تقديم منظومة التصرّف في الميزانية حسب الأهداف
- مقارنة بين القانونين الأساسيين التونسي والفرنسي
- الشفافية المالية: الحكومات المفتوحة والميزانية المفتوحة
- مداخلة بوصلة: تقديم وتوصيات
الجهات المعنيّة
هكذا قيّم مستعملون آخرون المقال