من البديهي جدا إعادة النظر في المنظومة القضائية وكل ما يحيط بها، خاصة بعد الثورة وفي ظل الفترة الانتقالية، فلا نجاح إلّا بقضاء مستقل يأسس بدوره لدولة القانون والحريات، هكذا كانت افتتاحية الأستاذ مختار الطريفي الرئيس الشرفي للرابطة التونسية لحقوق الإنسان، قبل أن يفتح المجال لتدخلات المشاركين في مجموعة العمل “العدالة” للشبكة الاورومتوسطية لحقوق الإنسان حيث تركز العمل على ثلاث محاور أساسية
واقع المنظومة القضائية –
واقع المنظومة السجنية –
تنقيح المجلة الجزائية ومجلة الإجراءات الجزائية –
إن حضور رجالات المهنة من قضاة محامين مستشارين وناشطين فاعلين في مجال القضاء والعدالة والعدالة الانتقالية، جعل من ورشة العمل ثرية بالتفاعلات ومحفزة للنقاش، باعتبار التمثيلية المحترمة لأجهزة الدولة، الإدارة العامة للسجون والإصلاح، ممثل عن وزارة العدل، رئيس اللجنة المكلفة بتنقيح المجلة الجزائية ومجلة الإجراءات الجزائية. بالإضافة للتمثيل الدولي، بعض الملحقين القضائيين في السفارة الفرنسية، المكلفة بملف العدالة لدى البعثة الأوروبية بتونس، المكلف بالبرامج لدى مركز جنيف للرقابة الديمقراطية لدى القوات المسلحة، ومديرة برنامج دعم تنقيح القوانين.
اسْتُهِلت الورشة بمناقشة حال المنظومة القضائية وأبرزت القاضية كلثوم كنو واقع الإجراءات القضائية من إيقاف احتفاظ ومعوقات استوفاء شروط المحاكمة العادلة في غياب حسن المعاملة: أماكن احتفاظ مزرية، غياب محامي مع موكله فترة الاستنطاق، عدم وجود ترجمة لغير الناطقين باللغة العربية وكذلك بعد الموقوف عن مكان سكناه مما يعتبر عقوبة ثانية. كل هذا أحال مجموعة العمل للتوصية بوجوب الدفع نحو توفير شروط المحاكمة العادلة وأكثر ضمانات للموقوف خلال فترة الاستنطاق والمحاكمة وفترة تقضيته للعقوبة السجنية. كما أن المجموعة توصي بضرورة تدخل المجتمع المدني والهيئات الوطنية والمشاركة في توفير ظروف لائقة وضمانات المحاكمة العادلة والكرامة الإنسانية للموقوف والسجين
إن ما يحصل في المؤسسة السجنية من تجاوزات: سوء معاملة، ظروف إقامة سيئة، افتقار لأدنى مقومات الكرامة الإنسانية يدفع المجتمع مدني للتنبيه له داعين للتوضيح و إيجاد حلول استراتيجية لتجاوز المشاكل في هذا القطاع المسكوت عنه حيث أبرز المدير المكلف بتنفيذ العقوبات في المصلحة العامة للسجون والإصلاح أن عدد الموجودين داخل المؤسسات السجنية يتجاوز ال 25.000 شخص في حين أن طاقة الاستيعاب لا تتجاوز 18.000 سرير كما أن المساحة المخصصة لكل شخص 1.4 م²، وتعود هذه الأسباب عديدة: تدهور البنية التحتية وقصور المادة التشريعية
ومن هنا بَنَتْ مجموعة العمل توصياتها التالية: ضرورة الترفيع في عدد الوحدات السجنية لضمان الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية وتطبيق المعايير الدولية 3 م² لكل سجين بالإضافة لمراجعة المادة الجزائية ومجلة الإجراءات الجزائية للتخفيض من عدد الموقوفين الذي يمثل 56% من نسبة السجناء. كما دعت مجموعة العمل إلى ضرورة إيجاد صبغة شراكة بين المؤسسة السجنية والمجتمع المدني لإبرام اتفاقيات مراقبة بين الطرفين وتجدر الإشارة لتذمر الإدارة العامة للسجون والإصلاح من بعض الجمعيات من غير ذوي الاختصاص القضائي والحقوقي بالتطاول على المؤسسة دون معرفة أو دراية بأبجديات العمل الحقوقي وآليات العمل لدى المؤسسات السجنية
استحسن الحضور مشاركة الاتحاد الأوروبي وكان لها أثر إيجابي من خلال الدفع نحو تشريك هذا الطرف الاستراتيجي في مساعي لتطوير وتحسين المنظومة القضائية، وخاصة توطيد العلاقة بين مكونات المجتمع المدني من ذوي الاختصاص والاتحاد الأوروبي خدمة للصالح العام وقد أبدى الاتحاد الأوروبي تساهلًا وتعاونًا في هذا المجال ودفع نحو استقلالية القضاء، العدالة الانتقالية ومواجهة الإرهاب
وتبقى مداخلة الأستاذ بشير الفرشيشي رئيس لجنة تنقيح المجلة الجزائية ومجلة الإجراءات الجزائية الأبرز والأهم من خلال تطرقه بكل تفصيل حول آليات عمل اللجنة موضحًا انفتاح اللجنة على كل المقترحات مع تعهده الشخصي بعرض مشاريع القوانين على مؤسسات المجتمع المدني مؤكدًا على ضرورة أن تكون هذه المؤسسات من ذوي الكفاءة الخبرة والاختصاص لمزيد إثراء اللجنة وعدم تعطيلها
وفي الختام تجدر الإشارة أن لقاء مجموعة العمل كان الأخير في برنامج لجنة العدالة التابعة للشبكة الأوروموتوسطية لحقوق الإنسان، مُوصِين بضرورة مواصلة العمل بهدف الارتقاء بالمنظومة القضائية في تونس وتشكيل خلية عمل للتباحث حول سبل مناصرة مقترحات اللجنة لدى الفاعلين وصاحبي القرار في مجال القضاء، القانون والعدالة الانتقالية
Voila ce que les autres utilisateurs ont pensé de cet article